تقارير الجُمان



SocialTwist Tell-a-Friend
28/04/2009

تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية عن سوق الكويت للأوراق المالية



   تحسن المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية بمعدل 10% منذ بداية أبريل الجاري حتى تاريخ إعداد هذا   التقرير ، بينما ارتفع المؤشر السعري بمعدل 11% لنفس الفترة ، وقد بدأنا نلحظ بعض المؤشرات الإيجابية " الظاهرية " متمثلة في عدة متغيرات ، منها : أن الأداء الإيجابي لشهر أبريل جاء بعد أداء سلبي متوالي للأشهر الثلاثة الماضية ، والذي كان بمعدل 13 و 20 و 12% لأشهر يناير وفبراير ومارس على التوالي
وذلك للمؤشر الوزني ، كما أن متوسط التداول اليومي لشهر أبريل ارتفع بمعدل 97% ليبلغ 131.3 مليون د.ك مقابل 66.5 مليون د.ك لشهر مارس ، كما ارتفع مؤشر السوق عن القاع بمعدل 25% ، والذي تم تسجيله في 22/01/2009 عند مستوى 316 نقطة على أساس المؤشر الوزني ، والذي نتمنى ان يكون وداعاً نهائياً لمستوى الحضيض الذي وصله سوق المال الكويتي ، ولعل المبرر الأساسي لتوديع القاع هو إقرار قانون تعزيز الاستقرار المالي في الدولة بموجب مرسوم ضرورة ، ناهيك عن إعلان لائحته التنفيذية ، بالإضافة إلى بوادر تطبيقه عملياً على أرض الواقع ، وتجدر الإشارة إلى أن خسائر المؤشرين الوزني والسعري بلغت 3 و 4% على التوالي ، وذلك منذ بداية العام الجاري حتى تاريخ إعداد هذا التقرير .

أموال ساخنة حكومية !

   وربما ما يثير القلق والتساؤل ، هو الطفرة في السيولة والتي بلغت ذروتها عند مستوى 210 مليون د.ك بتاريخ 19/04/2009 ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فإن التذبذب اليومي في المبالغ المتداولة ، والذي يصل إلى 100% أحياناً ( من 80 إلى 160 مليون د.ك على سبيل المثال ) يعطي مؤشراً واضحاً لتدخل مقصود ، وليس على خلفية تداول طبيعي ، ولا شك بأن الطرف المرشح لإحداث التدخل " الإيجابي شكلاً " في التداول هو الحكومة ، حيث أن تداول 210 مليون د.ك في يوم واحد بعد انخفاض المؤشر 50% من ذروته ، يعني أن ذلك المبلغ يعادل 420 مليون د.ك في أوج البورصة ، والذي يعتبر مبلغاً كبيراً للغاية ، وتحوم حوله شبهة " التدبير " ، ولا شك بإن تلك الشكوك غير مستبعدة في مثل الظروف الراهنة ، والمتمثلة في الفترة الانتقالية ما بين حل مجلس الأمة وانتخاب مجلس جديد ، حيث كان تدخل المال السياسي في مجريات البورصة أمراً روتينياً وتلقائياً ، وذلك على مدى فترات الحل سواء كان الحل دستورياً أو غير دستوري ، وذلك في إطار سعي الحكومة إلى إبراز مساوئ مجلس الأمة ، وتسويق فكرة أن غيابه هو مدعاة لتحسن الأمور والانتعاش الاقتصادي ، ولا شك بأن ذلك غير صحيح خاصة في الأجلين المتوسط والطويل ، وهذا ما أثبته الواقع فيما مضى بكل تأكيد .

   من جهة أخرى ، فإن تدخل الحكومة في مجريات سوق المال –  إن صح –  يعتبر مجازفة كبيرة بالأموال العامة ، خاصة في ظل استمرار تداعيات الأزمة المالية على المستويين المحلي والعالمي ، حيث إن ذلك التصرف يعني إقحام سوق المال في لعبة سياسية ، وهو أمر بالغ الخطورة ، نظراً لكونه تكريساً للفساد السياسي والاقتصادي ، مما يشكل خطورة بالغة على المتداولين في البورصة ، وذلك من حيث احتمال قيام الحكومة بسحب البساط من تحت المتداولين فجأة ، أو عند اقتراب موعد الانتخابات وصدور نتائجها ، وذلك بعد استدراجهم من خلال الانتعاش المصطنع لسوق المال ، مما يكبد هؤلاء المتداولين خسائر جسيمة غير محتملة جراء الحركة الساخنة للأموال الحكومية ، لاسيما وأنهم تكبدوا ما فيه الكفاية وأكثر من الخسائر غير المبررة .

نتائج 2008 أبعد من الخيال !

   بلغ صافي نتائج الشركات التي أعلنت نتائجها حتى الآن –  وعددها 187 شركة -خسائر بمقدار 145 مليون د.ك ، وذلك بالمقارنة مع صافي أرباح بمقدار 4.6 مليارات د.ك للعام 2007 ، وقد حققت 108 شركات أرباحاً مجموعها 1.970 مليار د.ك ، بينما تكبدت 79 شركة خسائر مجموعها 2.115 مليار د.ك ، علماً بأن هناك 13 شركة لم تعلن نتائجها عن العام 2008 حتى تاريخ اعداد هذا التقرير ، والمرجح أن تكون خاسرة في معظمها ، وذلك رغم مرور ما يقارب الشهر على الموعد النهائي لإعلان النتائج ، وتجدر الإشارة إلى أن خسائر الشركات المدرجة للعام 2008 كانت سترتفع جذرياً فيما لو لم يتم تعديل المعيار 39 والخاص بتقييم الاستثمارات المحتفظ بها للمتاجرة ، والذي أخفى مئات الملايين من الخسائر في حقوق المساهمين عوضاً عن إظهارها في قائمة الأرباح والخسائر كما كان معمول به سابقاً .

ماذا يعني تبخر أكثر من 4.6 مليارات د.ك ؟

   ولا شك بإن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل كانت تلك النتائج المجملة ضمن التوقعات ؟ والإجابة بالطبع ، أنها لم تكن كذلك ، كما أنها لم تفق التوقعات فحسب ، بل تعدت الخيال ، حيث لم يكن في الحسبان إطلاقاً أن تتبخر أكثر من 4.6 مليارات د.ك في سوق يضم أكثر من 200 شركة ، ويعتبر ثاني أكبر سوق مالي في المنطقة ، ناهيك عن كونه الأقدم على مستوى الخليج ، وتحتضنه دولة ذات سيادة ومؤسسات ، وهي على خريطة العالم منذ أكثر من 250 سنة ، وحظيت على استقلالها منذ ما يقارب من نصف قرن ، إلى غيره من الحقائق والمعطيات التي تجعل نتائج البورصة في عام 2008 تشكل صدمة كبرى ، بل ومن عجائب الدنيا السبع إن صح التعبير !

ويرجع حدوث هذه " الأعجوبة " لعدة أسباب منطقية منها :

1- أن أرباح العام 2007 والبالغة 4.6 مليارات د.ك تحتوي في جانب منها على أرباح مصطنعة أو غير حقيقية ، حيث نقدرها أولياً بما لا يقل عن 35% ، وبعبارة أخرى ، فإن أرباح العام 2007 كانت " مغشوشة " بمقدار 1.6 مليار د.ك ، والناجم في معظمها من أرباح غير تشغيلية وغير محققة ناتجة من العبث في البورصة بالدرجة الأساس .

2- تفشي سوء الإدارة والفساد في شريحة كبيرة من الشركات المدرجة ، وهو الأمر الذي كنا نحذِّر منه لسنوات عديدة دون جدوى ، إلى أن بدأت وسائل الإعلام تعج بقصص الإجرام الاقتصادي والفتك بأموال المساهمين الأبرياء ، والاستخفاف بسيادة القانون وأجهزة الرقابة والتنظيم ، وذلك بشكل لم يسبق له نظير .

3- فلتان الأجهزة التنظيمية والرقابية المرتبطة بسوق المال : وهو ما شجع ضعاف النفوس –  وما أكثرهم – على الاستخفاف بحقوق ملاك الشركات ، حيث لا حساب ولا عقاب على أبشع وأكبر الجرائم المرتكبة من خلال سوق المال ، والتي فاقت -في خطورتها وتداعياتها على الوطن والمواطنين  -الجرائم المالية الكبرى والمتمثلة في غسل الأموال ودعم الإرهاب ، فقد تقاعست الأجهزة التنظيمية والرقابية عن أداء واجبها في تنظيم سوق المال والرقابة من خلال امتناعها عن الضرب على يد المخربين ، واتخاذ خطوات وإجراءات من شأنها أن تملأ الفراغ التشريعي والرقابي ، وذلك لتفادي الكارثة التي أدت إلى ضياع حصاد العمر لشريحة كبيرة من المتداولين على اختلاف فئاتهم وتصنيفاتهم ، حيث تبخر أكثر من 24 مليار د.ك من أموال المساهمين في الشركات المدرجة خلال العام 2008 ، وذلك على أساس القيمة الرأسمالية المفقودة خلال العام المذكور .

4- الوضع العام في الدولة : من حيث الفوضى العارمة وعدم الإحساس بالمسؤولية وتفشي الفساد وانعدام الضمير ، والذي أدى – من بين أمور أخرى -إلى سقوط متوالي ويومي لرموز سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية أيضاً ، مما أحدث فراغاً وفضاء هائلاً للعبث بمستقبل الوطن وأمنه واستقراره .

توقعاتنا وتوقعات الصحف 

   ونظراً للخسائر الفلكية والمدوية التي لم تخطر على بال أحد ، فقد ابتعدت توقعاتنا لنتائج الربع الرابع والعام 2008 كابتعاد الثرى عن الثريا ، فقد توقعنا في تقريرنا الصادر في 28/12/2008 أن تبلغ أرباح الربع الرابع 2008 نحو 100 مليون د.ك بانخفاض معدله 90% عن ذات الربع من العام 2007 حين بلغت 927 مليون د.ك ، ولكن الربع الرابع 2008 قد " أتحفنا " بخسائر بلغت –  حتى الآن -3.066 مليارات د.ك ، وذلك بنسبة تراجع بلغت 424% عن ذات الربع من العام 2007 ، أما توقعاتنا عن أرباح العام 2008 ، فقد كانت عند مستوى 3.3 مليار د.ك ، بينما تبخرت تلك المليارات وتحولت إلى خسائر على أرض الواقع بمقدار 145 مليون د.ك حتى الآن .

   أما توقعات الصحف لنتائج الشركات ، والتي كانت على المستوى الفردي للشركات ، وليس على سبيل الإجمال ، فكان حالها حال توقعاتنا كما وردت أعلاه ، فقد كانت الصحف حذرة للغاية في إصدار توقعاتها من حيث العدد ، حيث تم رصد 10 توقعات فقط عن العام 2008 من خلال أربع صحف يومية ، وبالرغم من كون نسبة الإصابة 10% ، أي توقع واحد صحيح فقط ، إلا أن موقف الصحف عموماً من هذا الموضوع كان مهنياً بشكل ملحوظ ، حيث ابتعدوا عن إصدار أو نقل التوقعات بشكل ملفت للغاية ، نظراً للمتغيرات العاصفة وغير المسبوقة في أحوال سوق المال ، والتي تضعف من منطقية وموضوعية إصدار التوقعات ، وذلك في ظل ظروف مضطربة للغاية ، وهذا ما حدث فعلاً ، والذي من شأنه تقويم الاتجاه السلبي السابق للصحف ، والمتمثل في الإفراط بإصدار التوقعات غير المدروسة وغير المبنية على أسس منطقية ، وذلك لأغراض وغايات مختلفة .

 " أقضب مجنونك لا يجيك أجن منه " !

   ونظراً لاستفحال الفساد في مؤسسات القطاع الخاص سيما الحساس منها مثل البنوك ، فقد عادت مرة أخرى سيطرة الحكومة على بنك بوبيان ، بعد أن كان بعهدة القطاع الخاص لفترة ثلاثة عشر شهراً فقط ، والذي كانت تصرفاته –  أي القطاع الخاص -مشبوهة للغاية وفقاً لتحقيقات بنك الكويت المركزي ، كما سيطرت الحكومة على زمام الأمور في بنك الخليج ، وهو ثاني أكبر بنك تقليدي ، وذلك بعد فضيحة التعامل المشبوهة بالمشتقات المالية ، والتي كبدت البنك خسائر فاقت المليار دولار أمريكي ، ولا شك بأن العودة إلى الوراء ، أي إلى إدارة الحكومة للمؤسسات هو أفضل حالاً من إدارة بعض أطراف القطاع الخاص ، والذين كانوا في قمة الاحتراف في تجيير المؤسسات العملاقة والحساسة لمصالحهم ومآربهم الخاصة .

   إن حالة الردة التي يشهدها الوضع الاقتصادي والقطاع الخاص تحديداً ، جعلت من الإدارة الحكومية بما فيها من نواقص ومثالب أفضل بكثير من إدارة صقور الفساد المنتمين إلى القطاع الخاص ، والذي كان ولا يزال شغلهم الشاغل تعبئة جيوبهم وحساباتهم الخاصة بالمال الحرام الصرف ، والذين أسسوا بخبرتهم المتراكمة وحنكتهم الفريدة مدرسة لتعليم أحدث وأذكى طرق السلب والنهب المنظم و "على عينك يا تاجر" كما يقال ، مما أدى إلى تفشي الخراب والدمار في الشركات المدرجة بما لا يختلف عليه اثنان بكل تأكيد ، والذي قاد إلى الترحم على أيام إدارة الحكومة للشركات مهما اكتنفها من سلبيات ، وقد انطبق – وللأسف الشديد – الواقع الحالي الأليم للإدارة الحكومية المتواضعة للمؤسسات في مقابل الإدارة غير المؤتمنة للقطاع الخاص إنطبق عليه المثل الشعبي القائل " أقضب مجنونك لا يجيك أجن منه " !

الفتاوي الشرعية على طريقة " ما يطلبه المديرون "

   وقد عم طوفان الفساد جميع شرائح الشركات من صغيرة وكبيرة ، وفي جميع الأنشطة والقطاعات ، وأيضاً الشركات الإسلامية والتقليدية ، ويحق لنا ولغيرنا التساؤل في هذه المناسبة عن مدى مصداقية بعض اللجان الشرعية في الشركات التي تزعم التزامها بالشريعة الاسلامية الغراء ، وهي منهم براء في واقع الحال ، حيث تورطت عدة شركات تدّعي التزامها بالشريعة في مخالفات جسيمة وشبهات كبيرة على مدى عدة سنوات وليس العام الماضي فحسب ، سواء من حيث سلوك القائمين عليها شخصياً أو بالعمليات التي تنفذها تلك الشركات ، وهذا أمر متوقع لغياب الرقابة المحكمة والتنظيم السليم لآلية تعيين اللجان الشرعية ، حيث تتمثل الملاحظات على الوضع الحالي من عدة جوانب منها :

1- أن من يعيّن اللجنة الشرعية على أرض الواقع هم الإدارة التنفيذية ، وليس المساهمون أو الجهات الرسمية المعنية ، ما يقوي احتمال تبعية اللجان الشرعية لأهواء ونزوات تلك الإدارات ، وبالتالي ، احتمال إصدار الفتاوي على طريقة " ما يطلبه المديرون " وليس بناء على ما يمليه الدين والضمير .

2- أن ما يُعرض على اللجان الشرعية هو بعض العمليات ، وليس جميع العمليات التي تتطلب رأياً شرعياً ، أي أن عرض المواضيع يكون إنتقائياً ومزاجياً وليس شاملاً وموضوعياً ، وذلك لإخفاء بعض العمليات عن اللجان الشرعية .

3- أن بعض العلماء -إن لم نقل معظمهم -ليسوا متفرغين ، بل يشغلون مناصب بعدة لجان في آن واحد ، ناهيك عن وظائفهم الرسمية ، مما يجعل من غير المنطقي توفر الوقت اللازم لبحث ومناقشة الأمور الشرعية المرتبطة بالشركات كما يجب .

4- غياب عنصر المتابعة ، حيث تقوم بعض اللجان بواجبها في التأكد من توافق أو تطابق عمليات الشركة مع الشريعة الإسلامية ، إلا أن الإدارة التنفيذية تستهتر في قرارات اللجنة الشرعية ، وذلك نظراً لعدم قيام هذه الأخيرة في مراجعة صحة التطبيقات الفعلية للعمليات مع المقتضيات الشرعية التي أقروها سلفاً .

   ولا شك أن تنظيم عمل اللجان الشرعية أمر مهم وحساس للغاية ، حيث إن الفلتان الحالي لا يقتصر أثره على الضرر الاقتصادي الفادح ، بل يتعدى ذلك إلى التشكيك في الاقتصاد الاسلامي ومبادئه السامية في بناء أسس الاقتصاد السليم وسعيه إلى التنمية الحقيقية ، ومحاربته لكافة صور الاستغلال والفساد ، حيث يتطلب الأمر في رأينا إعادة النظر في آلية تعيين اللجان الشرعية ومرجعيتها ، وفي هذا الصدد ، نقترح أن يشكل البنك المركزي – على سبيل المثال – فرقاً شرعية مهنية ومتفرغة تحل محل اللجان الحالية ، وعلى نفقة البنوك والشركات المستفيدة منها ، بحيث تقوم بواجبها بكل حيادية واستقلالية ومهنية ، وأن تكون مرجعيتها إلى البنك المركزي وإلى المساهمين بالدرجة الأولى ، وليس إلى الإدارة التنفيذية للمؤسسات المعنية . 

   وبالرغم من الثغرات وغياب الدور المطلوب لشركة كبيرة من اللجان الشرعية مما جعلها في قفص الإتهام ، إلا أننا لازلنا نرى التزاماً حقيقياً ومبدأياً للبعض الآخر من اللجان الشرعية ، والتي صمدت حتى الآن أمام طوفان الاغراءات والفساد ، حيث استمرت بأداء واجبها المهني الذي يمليه عليها الوازع الديني أولاً ، ثم مصلحة عموم المساهمين ، وليس الأهواء الشخصية للمدراء التنفيذيين ، والذي هو الشغل الشاغل لبعض اللجان الشرعية للأسف الشديد .

إنتقائية أم مزاجية !

   درج سوق الكويت للأوراق المالية على طلب التوضيح من الشركات التي يرتفع سعرها بالحد الأعلى لتفسير سبب الصعود ، ولا نعلم سبب تغاضي إدارة السوق حالياً عن هذا الإجراء ، هل هو نسيان ؟ أم أنه متعمد لعدم جدواه نظراً للإجابات النمطية والمتطابقة والفارغة أيضاً لكل حالات الارتفاع بالحد الأقصى للأسهم ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى كانت إدارة السوق توقف تداول الأسهم عند ورود خبر بالصحف عن فوز شركة معينة بصفقة أو إبرامها لعقد ، وأيضاً بما يتعلق بالأخبار غير الرسمية المنشورة حول نتائج الشركات ، حيث كان يتم وقف السهم المعني واستيضاح الشركة عن مدى صحة تلك الاخبار ، وذلك لتأكيدها أو نفيها ، أو حتى توضيحها ، حيث لا نعلم سبب توقف إدارة السوق عن إجراءها السابق ، هل هو بناء على دراسة علمية وموضوعية ؟ أم أن تلك الإجراءات انتقائية ومزاجية يتم تطبيقها أو إهمالها كردة فعل ؟ وهل توجد قواعد وأنظمة واضحة ومكتوبة لتلك الإجراءات أم لا؟

كذب رسمي وموثّق !

   من جانب آخر ، هناك تطور خطير من وجهة نظرنا يحتاج إلى التوقف عنده ، والمتمثل في تكرار حالات كذب بعض الشركات على إدارة السوق بما يتعلق بوجود تحفظ أو ملاحظة في تقرير مدقق الحسابات ، حيث تطلب إدارة السوق من الشركات المدرجة عند إعلان نتائجها الإفادة رسمياً عن وجود تحفظ أو توضيح من جانب مدقق الحسابات ضمن تقريره ، وذلك لغرض نشر تلك النقاط المهمة جداً والحساسة للغاية على عموم المتداولين بالتزامن مع نشر النتائج ، والذي يعتبر من أبسط معايير الشفافية المطلوبة ، إلا أننا فوجئنا بوجود أربع حالات حتى الآن توضح عدم التزام الشركات المعنية بهذا الإجراء ، حيث لم تفد تلك الشركات إدارة السوق بوجود تحفظات أو توضيحات في تقرير مدقق الحسابات عند إعلان تلك الشركات عن نتائجها ، في حين تبين وجود توضيحات وتحفظات بعد استلام إدارة السوق للبيانات المالية ، مما دعا هذه الأخيرة إلى إعلان ذلك بعد فوات الأوان في كثير من الحالات ، حيث يتم تداول السهم المعني بعد الاعلان عن النتائج لعدة أيام وربما أسابيع وبكثافة أحياناً دون معرفة وجود تحفظ أو إيضاح مهم حول البيانات المالية التي تم تداول الأسهم المعنية بناء عليها ، وحتى الآن ، لا نعلم هل ستقوم إدارة السوق بإجراء معين تجاه الكذب الرسمي والموثّق من جانب بعض الشركات ، وذلك وفقاً لإعلانات واضحة من إدارة السوق ؟ أم أن الكذب الموثّق على إدارة السوق وعلى جمهور المتداولين يعتبر أمراً روتينياً ومعتاداً لا يستلزم أي إجراء !